الخميس، 26 أبريل 2012

تزوير الآثار في فلسطين المحتلة









                                                                      تزوير الآثار في فلسطين المحتلة






                                           اغتصاب للتاريخ ومحو للهوية





 وكانت هناك أكثر من حالة خلال الفترة السابقة إلا أن أشهرها تلك التي كان يقوم بها موسى فلهلم شابيرا (ت1887) في فلسطين. فقد زور هذا الرجل المئات من القطع ووضع عليها كتابات قديمة وادعى أنها آثار مؤابية. واتهم أيضاً بتزوير بعض أسفار التوراة، حيث أدعى أنه عثر عليها قرب البحر الميت. وقد اغتمر بما كان يدعيه بعض المختصين وبعض المتاحف أيضاً، حتى إن بعضها اشترى مئات القطع منه وعرضت فيها لفترة إلى أن اكتشفت زيفها (كما يحدث اليوم في الكيان).
واليوم لا يختلف عن الأمس، إذا أصبح التزوير في الكيان ظاهرة أو ما يشبه الظاهرة، يشكو منها الآثاريون والمختصون والمتاحف. وأكثر الذي يقومون بالتزوير ويتهمون به هم من الإسرائيليين. فبين فترة وأخرى يكتشف أثر مزيف بعد أن وضع في المتحف لسنوات وبعد أن ظل الناس طيلة هذه الفترة يشاهدونه ويعجبون به ويصدقونه ويعتقدون أنه أثر حقيقي.. وهناك أكثر من دافع لهذا التزييف إذ ليس دافعه ماديا فحسب ، بل هناك دافع آيديولوجي مهم يتعلق بتاريخية الوجود اليهودي في فلسطين والهيكل وما يرتبط به. وتجارة التزييف هذه هي موضوع كتاب نينا بيرليه ((التجارة غير المقدسة: قصة حقيقية للعقيدة، الطمع والتزوير في الأرض المقدسة)).
وتستعرض المؤلفة – وهي أميركية لها عدد من المؤلفات – عددا من القصص التي تتعلق بتزوير الآثار في إسرائيل والطرق المتبعة فيها والتقنيات المستعملة في ذلك والمجموعات المشتركة فيها.
فمن هذه الحالات التي أخذت بعدا عالميا، الصندوق الصخري الذي يعتقد أنه يحتوي على رفات يعقوب أخي المسيح عيسى الذي قتل عام 62 ميلادية. ففي عام 2002 أعلن في الولايات المتحدة في مؤتمر صحافي عن اكتشاف هذا الصندوق الذي قيل إنه نقش عليه ((يعقوب بار يوسف أخوي دي يشوع)) (يعقوب بن يوسف أخو يشوع).. وقد أثار هذا الخبر ضجة كبيرة ليس بين الآثاريين فحسب، ولكن بين المسيحيين عامة، إذا رأو في هذا الاكتشاف دليلاً قاطعاً على تاريخية عيسى بعد أن أخذ البعض يشكك حتى بوجوده، وقد كتب عنه أحد المهتمين كتابا يؤكد أصالة الأثر والكتابة عليه وأنتج عنه فيلماً أيضاً.
وكان الصندوق بحوزة تاجر الآثار الإسرائيلي المعروف عوديد غولان وهو كان قد عرضه على أحد الخبراء الذي وثق أصالة الصندوق كما قال. وأخذ هذان وشخص ثالث يروجون له.
وكان عوديد قد أدعى انه لم يكن يعرف أهمية الصندوق إلا بعد ان قرأ له أحد الخبراء ما كتب عليه من نقش . ثم عرض الصندوق في أحد المتاحف في كندا وبقي هناك لفترة طويلة كان عشرات الآلاف من الناس فيه يقفون في طوابير لمشاهدته والتمتع برؤيته بل والصلاة عنده. ولكن بعض الباحثين شكك في الادعاء، خاصة أولئك المهتمين بالنقوش، وكان الشك في طبيعة النقش وشكله وطريقة كتابته. وقد أعلن هؤلاء أن النقش حديث على الرغم من أن الصندوق قديم، وتبين بعد الفحص ان على سطحه آثار مياه حديثة. وكان السبب الذي أعطاه عوديد لذلك هو أن أمه كانت تمسحه بالماء والصابون من دون معرفة قيمته الأدبية. وقد  حققت الحكومة الإسرائيلية مع عوديد وآخرين واتهمته بالتزوير وسرقة الآثار. وكان بعض المسؤولين في الحكومة قد سموا هذا التزييف ((تزييف القرن)).
أصبح التزوير في الكيان ظاهرة أو ما يشبه الظاهرة، يكشو منها الآثاريون المختصون والمتاحف. وأكثر الذين يقومون بالتزوير ويتهمون به هم من الصهاينة.
وقال باحثون إن المتهمين يريدون أن يستغلوا حاجة بعض المتدينين من اليهود والمسيحيين إلى أدلة مادية لتأكيد عقيدتهم. وفي أثناء المحاكمة التي شهد فيها عشرات الشهود سئل عوديد عن مصدر الصندوق، لكنه أدعى أنه لا يتذكر من باعه له.
وفي عام 2004 أدانته الحكمة مع شخص آخر يعمل في جامعة حيفا وهو خبير خطوط قديمة. وكان يحاكمان في هذه السنة. وكانت المفاجأة أنه قبل أسابيع أعلن القاضي الذي يحاكمهما أنه غير مقتنع بوجود تزوير وأسقط التهمة. وقد أثار هذا الحكم لغطا كثيرا ويصر عوديد على أن الأثر كان معه لفترة عشرين سنة وهو غير مزود، إذا أكد أصالته، كما يقول خبراء، مختصون. وقد تبين أن هناك أكثر من لقية مزورة بعد أن اعتقد أنها أثر حقيقي أصيل.
ومن هذه اللقى لوح حجري أعلن عنه عام 2003 بعد أن اطلع عليه بعض الخبراء قبل هذا الوقت ووثقوه.
يحوي اللوح كتابة من عشرة أسطر/ خمسة عشر سطرا تتضمن تعليمات يفترض أن الملك  يهواش بن الملك حزقياه ملك يهودا (836 – 798) قد أمر بها لإصلاح هيكل سليمان. وهذه التعليمات قد وردت في العهد القديم في سفر الملوك الثاني وما وجد على اللوح يشبهها كثيرا لغة وأسلوبا ومضمونا. وكان هذا اللوح مع إسرائيلي كان يعمل مع الموساد وذكر أنه طلب أربعة ملايين دولار أو أكثر ثمنا له عندما عرضه على المتحف الإسرائيلي. وقد قيل عن الاكتشاف في حينها إنه أهم دليل إلى الآن على وجود ما يسمى بالهيكل الأول. وقد أشيع أن اللوح عثر عليه قرب المسجد الأقصى ولذلك أعلنت بعض المنظمات اليهودية المتطرفة أن النقش يثبت وجود الهيكل ويجب إعادة بنائه مكان الأقصى من دون تأخر. وبعد أن فحصت اللوح لجنة من المختصين في أكثر من اختصاص توصلت إلى أن اللوح قديم ولكن الكتابة مزورة حيث شك بها الآثاريون منذ البداية. وحققت الشرطة مع من كان معه اللوح واستمر التحقيق لفترة سنة فتبين أن مالك اللوح هو أيضا عوديد غولان. وأرادت الشرطة أن تعرف من أين جاء بهذا اللوح ولكنه كان يقول إنه اشتراه ولم يقل من أين . فداهمت الشرطة شقته فعثرت فيها على أدوات ومواد لتزوير الآثار وبعض اللقى الجاهزة للبيع. وقد أدين هو وآخرون في عام 2004 ومنهم أستاذ في جامعة حيفا وطلبت شهادة عشرات الشهود في القضية وقد أطلق سراح بعض المتهمين وليس منهم عوديد.
إن الكيان الصهيوني من خلال تزوير الآثار يحاول أن يغتال التاريخ الفلسطيني والعربي الممتد لأكثر من 45 ألف عام خلت
وقد اتهم عوديد بأنه زور كثير من اللقى في العشرين سنة الماضية. ولكن الجدل مازال مستمرا حول أصالة اللوح، إذا مازال البعض يؤكد تاريخيته، حتى إن أحد المختصين ألف الكتابة على اللوح. بينما أنتج فيلم يركز على ما سماه عمليات التزوير التي يقوم بها عوديد. وكذلك عرض تلفزيون ((بي بي سي)) برنامجاً وثائقياً عن لوح يهواش شكك في صدقيته.
ومن هذه اللقى رمانة صغيرة من عاج اعتقد أنها رأس صولجان كبير كهنة المعبد وقد نقش عليها عبارة ((مقدس للكهنة، هيكل الإله يهوه)). وكان المتحف الإسرائيلي قد اشتراها في الثمانينات بــ 500 ألف دولار وأودع المبلغ في حساب خاص في مصرف سويسري واعتقد وقتها أن هذا هو الشيء الوحيد الذي يعثر عليه إلى اليوم من هيكل سليمان. والغريب أن بعض المختصين هم الذين قالوا إن اللقية حقيقية قبل أن يشتريها المتحف. وطبقا للتوراة، فإن الرمان استعمل في تزويق هيكل سليمان. وقد ظلت هذه اللقية معروضة في المتحف الإسرائيلي لفترة سنوات وقد رفعت كثيرا من معنويات اليهود حيث اعتقدوا أنها تؤكد تاريخهم التوراتي. وأخذ كثير منهم بعد سنين من عرضها يؤكد أن شيئاً من فترة الملك سليمان قد عثر عليه.  ولكن المتحف سحبها من العرض وأعلن أن النقش عليها حديث بعد أن قررت لجنة من المختصين ذلك. وقال مسؤول في المتحف إن القرار كان صعبا على اللجنة. وقلا آخر في تبرير شرائها: ((إننا إذا لم نستغل الفرصة ونشتري من التجار لقى لم يكتشفها الآثاريون فقد تفوتنا أشياء في منتهى الأهمية، ومع أن عملية الشراء كن يجب أن تثير الشكوك مسؤولي المتحف إلا أن المتحف قام بعملية الشراء)).
ومن الأشياء التي تبين أنها مزورة ختم حجري قيل في حينها إنه للملك منسّى ملك يهودا (القرن السابع ق.م) حيث نقش عليه ((منسّى ابن الملك)). وافترض أنه نقش يعود له قبل  أن يصبح ملكاً. وكان في حينها قد عرض على جامع آثار بمبلغ مليون دولار.
كما عرضت منواره ((شمعدانا)) مصنوعا من الصخر على أنه خاص برئيس كهنة ما يسمى بالهيكل الثاني وكان قد طلب ثمنا له مبلغا ضخماً وقد تبين أن المنوراه مزورة.
ومن هذه اللقى قطعة من إناء فخاري عليها كتابة قيل إنها تعود لفترة مملكة يهودا، وقد تبين أنها مزورة كذلك. وقد اتهم في ذلك شخصان أحدهما خبير سابق في متحف إسرائيل. واتهمها القاضي بأنهما قام بالتزوير من أجل الحصول على فوائد مالية. ولطب مختصون من المتحف الإسرائيلي إعادة النظر في اللقى التي يشك فيها. وقال بعض الآثاريين إن أي لقية من فترة العشرين سنة الماضية لا يعرف في أي مكان عثر عليها يجب ان تعتبر مزيفة.



حقائق لابد وان تقال .............






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق